للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«حتى تروا أنكم قد كافأتموه» .

إذن الحديث ليس على ظاهره من كل وجه، فالمراد بالحمد: أن تحمدهم الحمد المطلق ناسيا المسبب وهو الله - عز وجل -، وهذا من ضعف اليقين، كأنك نسيت المنعم الأصلي، وهو الله - عز وجل - الذي له النعمة الأولى، وهو سفه أيضا؛ لأن حقيقة الأمر أن الذي أعطاك هو الله، فالبشر الذي أعطاك هذا الرزق لم يخلق ما أعطاك، فالله هو الذي خلق ما بيده، وهو الذي عطف قلبه حتى أعطاك، أرأيت لو أن إنسانا له طفل، فأعطى طفله ألف درهم وقال له: أعطها فلانا، فالذي أخذ الدراهم يحمد الأب؛ لأنه لو حمد الطفل فقط لعد هذا سفها؛ لأن الطفل ليس إلا مرسلا فقط، وعلى هذا فنقول: إنك إذا حمدتهم ناسيا بذلك ما يجب لله من الحمد والثناء، فهذا هو الذي من ضعف اليقين، أما إذا حمدتهم على أنهم سبب من الأسباب، وأن الحمد كله لله - عز وجل - فهذا حق، وليس من ضعف اليقين.

قوله: " وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ". هذه عكس الأولى، فمثلا: لو أن إنسانا جاء إلى شخص يوزع دراهم فلم يعطه، فسبه وشتمه، فهذا من الخطأ لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

لكن من قصر بواجب عليه، فيذم لأجل أنه قصر بالواجب لا لأجل أنه لم يعط، فلا يذم من حيث القدر؛ لأن الله لو قدر ذلك لوجدت الأسباب التي

<<  <  ج: ص:  >  >>