للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} ، والعبادة: التذلل والخضوع، واتباع الأوامر، واجتناب النواهي.

قوله: {إِلَهًا وَاحِدًا} . هو الله - عز وجل -، وإله؛ أي: مألوه معبود مطاع، وليس بمعنى آله؛ أي: قادر على الاختراع، فإن هذا المعنى فاسد، ذهب إليه المتكلمون أو عامتهم، فيكون معنى (لا إله إلا الله) على هذا القول: لا رب إلا الله، وهذا ليس بالتوحيد المطلوب بهذه الكلمة؛ إذ لو كان كذلك لكان المشركون الذين قاتلهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موحدين؛ لأنهم يقولون: لا رب إلا الله، قال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: ٨٦] . وهذه إحدى القراءتين، وهي سبعيه.

قوله: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} . " سبحان ": اسم مصدر، وهي معمول، أو مفعول لفعل محذوف وجوبا تقديره يسبح سبحانا، أي: تسبيحا؛ لأن اسم المصدر بمعنى المصدر، فسبحان: مفعول مطلق عاملها محذوف وجوبا، وهي ملازمة للإضافة: إما إلى مضمر، كما في الآية: (سبحانه) ، أو إلى مظهر، كما في {سُبْحَانَ اللَّهِ} .

والتسبيح: التنزيه؛ أي: تنزيه الله عن كل نقص، ولا يحتاج أن نقول: ومماثلة المخلوقين؛ لأن المماثلة نقص، ولكن إذا قلناها، فذلك من باب زيادة الإيضاح حتى لا يظن أن تمثيل الخالق بالمخلوق في الكمال من باب الكمال، فيكون المعنى: تنزيه الله عن كل ما لا يليق به من نقص، أو مماثلة المخلوقين.

وقوله: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: مما سواه من المسيح ابن مريم، والأحبار والرهبان، فهو متنزه عن كل شرك وعن كل مشرك به.

قوله: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} . هذا من البلاغة في القرآن؛ لأنها جاءت محتملة

<<  <  ج: ص:  >  >>