أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين، فهو كافر؛ لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه الخير للعباد والبلاد من شريعة الله، وعندما نقول بأنه كافر؛ فنعني بذلك أن هذا الفعل يوصل إلى الكفر.
ولكن قد يكون الواضع له معذورا، مثل أن يغرر به، كأن يقال: إن هذا لا يخالف الإسلام، أو هذا من المصالح المرسلة، أو هذا مما رده الإسلام إلى الناس.
فيوجد بعض العلماء - وإن كانوا مخطئين - يقولون: إن مسألة المعاملات لا تعلق لها بالشرع، بل ترجع إلى ما يصلح الاقتصاد في كل زمان بحسبه، فإذا اقتضى الحال أن نضع بنوكا للربا، أو ضرائب على الناس، فهذا لا شيء فيه.
وهذا لا شك في خطئه؛ فإن كانوا مجتهدين غفر الله لهم، وإلا؛ فهم على خطر عظيم، واللائق بهؤلاء أن يلقبوا بأنهم من علماء الدولة لا علماء الملة.
ومما لا شك فيه أن الشرع جاء بتنظيم العبادات التي بين الإنسان وربه والمعاملات التي بين الإنسان مع الخلق في العقود والأنكحة والمواريث وغيرها؛ فالشرع كامل من جميع الوجوه، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] .
وكيف يقال: إن المعاملات لا تعلق لها بالشرع وأطول آية في القرآن نزلت في المعاملات، ولولا نظام الشرع في المعاملات لفسد الناس؟ !
وأنا لا أقول: نأخذ بكل ما قاله الفقهاء؛ لأنهم قد يصيبون وقد يخطئون، بل يجب أن نأخذ بكل ما قاله الله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يوجد حال