من الأحوال تقع بين الناس إلا في كتاب الله وسنة رسوله ما يزيل إشكالها ويحلها، ولكن الخطأ إما من نقص العلم أو الفهم، وهذا قصور، أو نقص التدبر، وهذا تقصير.
أما إذا وفق الإنسان بالعلم، والفهم، وبذل الجهد في الوصول إلى الحق، فلا بد أن يصل إليه حتى في المعاملات، قال تعالى:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}[النساء:٨٢] . وقال تعالى:{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}[المؤمنون: ٦٨] . وقال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[ص: ٢٩] . وقال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩] . فكل شيء يحتاجه الإنسان في دينه أو دنياه؛ فإن القرآن بينه بيانا شافيا.
ومن سن قوانين تخالف الشريعة، وادعى أنها من المصالح المرسلة، فهو كاذب في دعواه؛ لأن المصالح المرسلة والمقيدة إن اعتبرها الشرع، ودل عليها فهي حق ومن الشرع، وإن لم يعتبرها؛ فليست مصالح، ولا يمكن أن تكون كذلك، ولهذا كان الصواب أنه ليس هناك دليل يسمى بالمصالح المرسلة، بل ما اعتبره الشرع، فهو مصلحة، وما نفاه، ليس بمصلحة، وما سكت عنه فهو عفو.
والمصالح المرسلة توسع فيها كثير من الناس، فأدخل فيها بعض المسائل المنكرة من البدع وغيرها؛ كعيد ميلاد الرسول، فزعموا أن فيه شحذا للهمم، وتنشيطا للناس؛ لأنهم نسوا ذكر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا باطل؛ لأن جميع المسلمين في كل صلاة يشهدون أن محمدا عبده ورسوله ويصلون عليه، والذي لا يحيى قلبه بهذا، وهو يصلي بين يدي ربه كيف يحيى قلبه بساعة يؤتى فيها بالقصائد الباطلة، التي فيها من الغلو ما ينكره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ ! فهذه مفسدة