الثانية: أن هذا لا يصدر إلا من منافق؛ لأن المؤمن حقا لا بد أن ينقاد لأمر الله ورسوله بدون صدود.
الثالثة: التنبيه؛ لأن الكلام إذا كان على نسق واحد قد يغفل الإنسان عنه، فإذا تغير، حصل له انتباه.
قوله:{رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ} جواب " إذا "، وكلمة " صد " تستعمل لازمة؛ أي: يوصف به الشخص ولا يتعداه إلى غيره، ومصدرها صدود؛ كما في هذه الآية، ومتعدية، أي: صد غيره، ومصدرها صد، كما في قوله تعالى:{وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[الفتح: ٢٥] .
وقوله:{فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} . الاستفهام هنا يراد به التعجب، أي: كيف حالهم إذا أصابتهم مصيبة، والمصيبة هنا تشمل المصيبة الشرعية والدنيوية؛ لعدم تضاد المعنيين.
فالدنيوية مثل: الفقر، والجدب، وما أشبه ذلك، فيأتون يشكون إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيقولون: أصابتنا هذه المصائب ونحن ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق.
والشرعية: إذا أظهر الله رسوله على أمرهم، خافوا وقالوا: يا رسول الله، ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق.
قوله:{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} . الباء: هنا للسببية، و (ما) اسم موصول، و (قدمت) صلته، والعائد محذوف، تقديره بما قدمته أيديهم، وفي اللغة العربية يطلق هذا التعبير باليد، ويراد به نفس الفاعل، أي: بما قدموه من الأعمال السيئة.
وقوله:{إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} . (إن) بمعني: " ما "؛ أي: ما