للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول من قائله فيه تفصيل إن أراد به الخبر، وكان الخبر صدقا مطابقا للواقع، فهذا لا بأس به، وإن أراد بها السبب، فلذلك ثلاث حالات:

الأولى: أن يكون سببا خفيا لا تأثير له إطلاقا، كأن يقول: لولا الولي الفلاني ما حصل كذا وكذا، فهذا شرك أكبر؛ لأنه يعتقد بهذا القول أن لهذا الولي تصرفا في الكون مع أنه ميت، فهو تصرف سري خفي.

الثانية: أن يضيفه إلى سبب صحيح ثابت شرعا أو حسا، فهذا جائز بشرط أن لا يعتقد أن السبب مؤثر بنفسه، وأن لا يتناسى المنعم بذلك.

الثالثة: أن يضيفه إلى سبب ظاهر، لكن لم يثبت كونه سببا لا شرعا ولا حسا، فهذا نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: التولة، والقلائد التي يقال: إنها تمنع العين، وما أشبه ذلك؛ لأنه أثبت سببا لم يجعله الله سببا، فكان مشاركا لله في إثبات الأسباب.

ويدل لهذا التفصيل أنه ثبت إضافة (لولا) إلى السبب وحده بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمه أبي طالب: «لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» ولا شك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبعد الناس عن الشرك، وأخلص الناس توحيدا لله تعالى، فأضاف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشيء إلى سببه، لكنه شرعي حقيقي، فإنه أذن له بالشفاعة لعمه بأن يخفف عنه، فكان في ضحضاح من النار، عليه نعلان يغلي منهما دماغه لا يرى أن أحدا أشد عذابا؛ لأنه لو يرى أن أحدا أشد منه عذابا أو مثله هان عليه بالتسلي، كما قالت الخنساء في رثاء أخيها صخر:

<<  <  ج: ص:  >  >>