عن ابن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله» . رواه ابن ماجه بسند حسن. (١)
ــ
قوله في الحديث:" لا تحلفوا ". (لا) : ناهية، ولهذا جزم الفعل بعدها بحذف النون، و (آباؤكم) : جمع أب، ويشمل الأب والجد، وإن علا، فلا يجوز الحلف بهم؛ لأنه شرك، وقد سبق بيانه.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض» هنا أمران:
الأمر الأول: للحالف، فقد أمر أن يكون صادقا، والصدق: هو الإخبار بما يطابق الواقع، وضده الكذب، وهو: الإخبار بما يخالف الواقع، فقوله:«من حلف بالله فليصدق» ، أي: فليكن صادقا في يمينه، وهل يشترط أن يكون مطابقا للواقع أو يكفي الظن؟
الجواب: يكفي الظن، فله أن يحلف على ما يغلب على ظنه، «كقول الرجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فأقره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
الثاني: للمحلوف له، فقد أمر أن يرضى بيمين الحالف له.
فإذا قرنت هذين الأمرين بعضهما ببعض، فإن الأمر الثاني ينزل على إذا كان الحالف صادقا؛ لأن الحديث جمع أمرين: أمرا موجها للحالف، وأمرا
(١) ابن ماجة: كتاب الكفارات / باب من حلف له بالله فليرض وقال البويصري في مصباح الزجاجة (٢/١٤٣) هذا اسناد صحيح رجاله ثقات) وقال ابن حجر في الفتح (١١/٥٣٥) سند صحيح