للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجها للمحلوف له، فإذا كان الحالف صادقا، وجب على المحلوف له الرضا.

فإن قيل: إن كان صادقا فإننا نصدقه وإن لم يحلف؟

أجيب: أن اليمين تزيده توكيدا.

قوله: «ومن لم يرض فليس من الله» أي: من لم يرض بالحلف بالله إذا حلف له، فليس من الله، وهذا تبرؤ منه يدل على أن عدم الرضا من كبائر الذنوب، ولكن لا بد من ملاحظة ما سبق، وقد أشرنا أن في حديث القسامة دليلا على أنه إذا كان الحالف غير ثقة، فلك أن ترفض الرضا به؛ لأنه غير ثقة، فلو أن أحدا حلف لك وقال: والله إن هذه الحقيبة من خشب. وهي من جلد، فيجوز أن لا ترضى به؛ لأنك قاطع بكذبه، والشرع لا يأمر بشيء يخالف الحس والواقع، بل لا يأمر إلا بشيء يستحسنه العقل ويشهد له بالصحة والحسن، وإن كان العقل لا يدرك أحيانا مدى حسن هذا الشيء الذي أمر به الشرع، ولكن ليعلم علم اليقين أن الشرع لا يأمر إلا بما هو حسن؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] ، فإذا اشتبه عليك حسن شيء من أحكام الشرع، فاتهم نفسك بالقصور أو بالتقصير، أما أن تتهم الشرع، فهذا لا يمكن، وما صح عن الله ورسوله، فهو حق وهو من أحسن الأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>