ولم يرشده إلى أن يقول: ما شاء الله ثم شئت حتى يقطع عنه كل ذريعة عن الشرك وإن بعدت.
يستفاد من الحديث:
١ - أن تعظيم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ مساواته للخالق شرك، فإن كان يعتقد المساواة، فهو شرك أكبر، وإن كان يعتقد أنه دون ذلك، فهو أصغر، وإذا كان هذا شركا، فكيف بمن يجعل حق الخالق للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
هذا أعظم؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس له شيء من خصائص الربوبية، بل يلبس الدرع، ويحمل السلاح، ويجوع، ويتألم، ويمرض، ويعطش كبقية الناس، ولكن الله فضله على البشر بما أوحي إليه من هذا الشرع العظيم، قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} ، فهو بشر، وأكد هذه البشرية بقوله: مثلكم، ثم جاء التمييز بينه وبين بقية البشر بقوله تعالى:{يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[الكهف: ١١٠] ، ولا شك أن الله أعطاه من الأخلاق الفاضلة التي بها الكمالات من كل وجه: أعطاه من الصبر العظيم، وأعطاه من الكرم ومن الجود، لكنها كلها في حدود البشرية، أما أن تصل إلى خصائص الربوبية، فهذا أمر لا يمكن، ومن ادعى ذلك فقد كفر بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكفر بمن أرسله.
فالمهم أننا لا نغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام فننزله في منزلة هو ينكرها، ولا نهضم حقه الذي يجب علينا فنعطيه ما يجب له، ونسأل الله أن يعيننا على القيام بحقه، ولكننا لا ننزله منزلة الرب عز وجل.
٢. إنكار المنكر وإن كان في أمر يتعلق بالمنكر؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أجعلتني لله ندا؟ !» ، مع أنه فعل ذلك تعظيما للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى هذا إذا انحنى