فهذا كفر مخرج عن الملة؛ لأن الرب عز وجل كل أفعاله مبنية على الحكمة، وقد لا نستطيع بلوغها بل لا نستطيع بلوغها.
ثم اعلم أن العلماء اختلفوا فيمن سب الله أو رسوله أو كتابه: هل تقبل توبته؟ على قولين:
القول الأول: أنها لا تقبل، وهو المشهور عن الحنابلة، بل يقتل كافرا، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة، ويدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين، ولو قال: إنه تاب أو إنه أخطأ؛ لأنهم يقولون: إن هذه الردة أمرها عظيم وكبير لا تنفع فيها التوبة.
وقال بعض أهل العلم: إنها تقبل إذا علمنا صدق توبته إلى الله، وأقر على نفسه بالخطأ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم، وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة، كقوله تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[الزمر: ٥٣] ومن الكفار من يسبون الله، ومع ذلك تقبل توبتهم.
وهذا هو الصحيح، إلا أن ساب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله، فإنه تقبل توبته ولا يقتل، لا لأن حق الله دون حق الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد إليه بأنه يغفر الذنوب جميعا، أما ساب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يتعلق به أمران:
الأول: أمر شرعي لكونه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن هذا الوجه تقبل توبته إذا تاب.
الثاني: أمر شخصي لكونه من المرسلين، ومن هذا يجب قتله لحقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقتل بعد توبته على أنه مسلم، فإذا قتل غسلناه وكفناه وصلينا عليه