وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد ألف كتابا في ذلك اسمه (الصارم المسلول في حكم قتل ساب الرسول) أو: (الصارم المسلول على شاتم الرسول) ؛ وذلك لأنه استهان بحق الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذا لو قذفه فإنه يقتل ولا يجلد.
فإن قيل: أليس قد ثبت أن من الناس من سب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبل منه وأطلقه؟
أجيب: بلى، هذا صحيح، لكن هذا في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أسقط حقه، أما بعد موته فلا ندري، فننفذ ما نراه واجبا في حق من سبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فإن قيل: احتمال كونه يعفو عنه أو لا يعفو موجب للتوقف؟
أجيب: إنه لا يوجب التوقف، لأن المفسدة حصلت بالسب، وارتفاع أثر هذا السب غير معلوم، والأصل بقاؤه.
فإن قيل: أليس الله الغالب أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عفا عمن سبه؟
أجيب: بلى، وربما كان في حياة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عفا قد تحصل المصلحة ويكون في ذلك تأليف، كما أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم أعيان المنافقين، ولم يقتلهم، لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، لكن الآن لو علمنا أحدا بعينه من المنافقين لقتلناه، قال ابن القيم: إن عدم قتل المنافق المعلوم إنما هو في حياة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقط.