للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجب حين طابت الثمار، وكان مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الغزوة نحو ثلاثين ألفا، ولما خرجوا رجع عبد الله بن أبي بنحو نصف المعسكر، حتى قيل له: إنه لا يدري أي الجيشين أكثر: الذين رجعوا، أو الذين ذهبوا؟ مما يدل على وفرة النفاق في تلك السنة، وكانت في السنة التاسعة، وسببها أنه قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن قوما من الروم ومن متنصرة العرب يجمعون له، فأراد أن يغزوهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إظهارا للقوة وإيمانا بنصر الله عز وجل.

قوله: (ما رأينا) تحتمل أن تكون بصرية، وتحتمل أن تكون علمية قلبية.

قوله: «مثل قرائنا» المفعول الأول، والمراد بهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.

قوله: «أرغب بطونا» . المفعول به الثاني، أي: أوسع، وإنما كانت الرغبة هنا بمعنى السعة؛ لأنه كلما اتسع البطن رغب الإنسان في الأكل.

قوله: «ولا أكذب ألسنا» . الكذب: هو الإخبار بخلاف الواقع، والألسن: جمع لسان، والمراد: ولا أكذب قولا، واللسان يطلق على القول كثيرا في اللغة العربية، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤] أي: بلغتهم.

قوله: «ولا أجبن عند اللقاء» . الجبن: هو خور في النفس يمنع المرء من الإقدام على ما يكره، فهو خلق نفسي ذميم، ولهذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستعيذ منه لما يحصل فيه من الإحجام عما ينبغي الإقدام إليه، فلهذا كان صفة ذميمة، وهذه الأوصاف تنطبق على المنافقين لا على المؤمنين، فالمؤمن يأكل بمعى واحد: ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه، والكافر يأكل بسبعة

<<  <  ج: ص:  >  >>