عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة، دخل حديث بعضهم في بعض:«أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء. يعني»
ــ
وهؤلاء الذين حضروا السب مثل الذين سبوا، قال تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}[النساء: ١٤] . وهم يستطيعون المفارقة، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امتثل أمر الله بتبليغهم، حتى إن الرجل الذي جاء يعتذر صار يقول له:{أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة: ٦٧] ، ولا يزيد على هذا أبدا مع إمكان أن يزيده توبيخا وتقريعا.
قوله:(عن ابن عمر) . هو عبد الله.
(ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة) . والثلاثة تابعيون، فالرواية عن ابن عمر مرفوعة، وعن الثلاثة الآخرين مرسلة.
قوله:(دخل حديثهم بعضهم في بعض) . أي: إن هذا الحديث مجموع من كلامهم، وهذا يفعله بعض أئمة الرواة كالزهري وغيره، فيحدثه جماعة بشأن قصة من القصص كحديث الإفك مثلا، فيجمعون هذا ويجعلون في حديث واحد، ويشيرون إلى هذا، فيقولون مثلا: دخل حديث بعضهم في بعض، أو يقول: حدثني بعضهم بكذا وبعضهم بكذا، وما أشبه ذلك.
قوله:(في غزوة تبوك) . تبوك في أطراف الشام، وكانت هذه الغزوة في