للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو طلب العون بهما جميعا، والغالب أن من استعان بلسان المقال، فقد استعان بلسان الحال.

لو احتاج الإنسان إلى الاستعانة بالمخلوق كحمل صندوق مثلا، فهذا جائز، ولكن لا تشعر نفسك أنها كاستعانتك بالخالق، وإنما عليك أن تشعر أنها كمعونة بعض أعضائك لبعض، كما لو عجزت عن حمل شيء بيد واحدة، فإنك تستعين على حمله باليد الأخرى وعلى هذا، فالاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه كالاستعانة ببعض أعضائك، فلا تنافي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " استعن بالله ".

قوله: " ولا تعجزن ". فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، و" لا " ناهية، والمعنى لا تفعل فعل العاجز من التكاسل وعدم الحزم والعزيمة، وليس المعنى لا يصيبك عجز؛ لأن العجز عن الشيء غير التعاجز، فالعجز بغير اختيار الإنسان، ولا طاقة له به، فلا يتوجه عليه نهي، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلِّ قائما، فإن لم تستطع، فقاعدا، فإن لم تستطع، فعلى جنب» .

فإذا اجتمع الحرص وعدم التكاسل، اجتمع في هذا صدق النية بالحرص والعزيمة بعدم التكاسل.

لأن بعض الناس يحرص على ما ينفعه ويشرع فيه، ثم يتعاجز ويتكاسل ويدعه، وهذا خلاف ما أمر به الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فما دمت عرفت أن هذا نافع، فلا تدعه، لأنك إذا عجَّزت نفسك خسرت العمل الذي عملت ثم عوَّدت نفسك التكاسل والتدني من حال النشاط والقوة إلى حال العجز والكسل، وكم من إنسان بدأ العمل - لا سيما النافع - ثم أتاه الشيطان فثبطه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>