لكن إذا ظهر في أثناء العمل أنه ضار، فيجب الرجوع عنه؛ لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
وذكر في ترجمة الكسائي أنه بدأ في طلب علم النحو ثم صعب عليه، فوجد نملة تحمل طعاما تريد أن تصعد به حائطا، كلما صعدت قليلا سقطت، وهكذا حتى صعدت، فأخذت درسا من ذلك، فكابد حتى صار إماما في النحو.
قوله: «إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا» .
هذه هي المرتبة الرابعة مما ذكر في هذا الحديث العظيم إذا حصل خلاف المقصود.
فالمرتبة الأولى: الحرص على ما ينفع.
والمرتبة الثانية: الاستعانة بالله.
والمرتبة الثالثة: المضي في الأمر والاستمرار فيه وعدم التعاجز.
وهذه المراتب إليك.
المرتبة الرابعة: إذا حصل خلاف المقصود، فهذه ليست إليك، وإنما هي بقدر الله، ولهذا قال: " وإن أصابك. "، ففوض الأمر لله.
قوله: " وإن أصابك شيء ". أي: مما لا تحبه ولا تريده ومما يعوقك عن الوصول إلى مرامك فيما شرعت فيه من نفع.
فمن خالفه القدر ولم يأت على مطلوبه لا يخلو من حالين:
الأول: أن يقول: لو لم أفعل ما حصل كذا.
الثاني: أن يقول: لو فعلت كذا لأمر لم يفعله لكان كذا.
مثال الأول قول القائل: لو لم أسافر ما فاتني الربح.
ومثال الثاني أن يقول: لو سافرت لربحت.
وذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثاني دون الأول؛ لأن الإنسان عامل فاعل، فهو