والسنة أن يأخذه منهما، لكن لكثرة السنن وتفرقها لا ينبغي للإنسان أن يحكم بشيء بمجرد أن يسمع حديثا في هذا الحكم حتى يتثبت؛ لأن هذا الحكم قد يكون منسوخا أو مقيدا أو عاما وأنت تظنه بخلاف ذلك.
وأما أن نقول: لا تنظر في القرآن والسنة لأنك لست أهلا للاجتهاد؛ فهذا غير صحيح، ثم إنه على قولنا: إن باب الاجتهاد مفتوح؛ لا يجوز أبدا أن تحتقر آراء العلماء السابقين، أو أن تنزل من قدرهم؛ لأن أولئك تعبوا واجتهدوا وليسوا بمعصومين، فكونك تقدح فيهم أو تأخذ المسائل التي يلقونها على أنها نكت تعرضها أمام الناس ليسخروا بهم؛ فهذا أيضا لا يجوز، وإذا كانت غيبة الإنسان العادي محرمة، فكيف بغيبة أهل العلم الذين أفنوا أعمارهم في استخراج المسائل من أدلتها، ثم يأتي في آخر الزمان من يقول: إن هؤلاء لا يعرفون، وهؤلاء يفرضون المحال ويقولون: كذا وكذا، مع أن أهل العلم فيما يفرضونه من المسائل النادرة قد لا يقصدون الوقوع، ولكن يقصدون تمرين الطالب على تطبيق المسائل على قواعدها وأصولها؟! .
١١ - فيه إثبات الحكم لله - عز وجل -، وحكم الله ينقسم إلى قسمين:
أ - حكم كوني، وهو ما يتعلق بالكون، ولا يمكن لأحد أن يخالفه، ومنه قوله تعالى:{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي}[يوسف:٨٠] .
ب - حكم شرعي، وهو ما يتعلق بالشرع والعبادة، وهذا من الناس من يأخذ به ومنهم من لا يأخذ به، ومنه قوله تعالى:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}[الممتحنة:١٠] .