الأولى: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه وذمة المسلمين. الثانية: الإرشاد إلى أقل الأمرين خطرا.
ــ
فيه مسائل:
الأولى: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه وذمة المسلمين. لو قال: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه وبين ذمة المسلمين، لكان أوضح؛ لأنك عندما تقرأ كلامه تظن أن الفروق بين الثلاثة كلها، وليس كذلك؛ فإن ذمة الله وذمة نبيه واحدة، وإنما الفرق بينهما وبين ذمة المسلمين.
والفرق أن جعل ذمة الله وذمة نبيه للمحاصرين محرمة، وجعل ذمة المحاصرين - بكسر الصاد - ذمة جائزة.
الثانية: الإرشاد إلى أقل الأمرين خطرا. لقوله:«ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك» . . .) إلخ، وهذه قاعدة مهمة، وتقال على وجه آخر وهو: ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما إذا كان لابد من ارتكاب إحداهما، وقد دل عليها الشرع، قال تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨] ؛ فسب آلهة المشركين مطلوب، لكن إذا تضمن سب الله - عز وجل - صار منهيا عنه؛ لأن مفسدة سب الله أعظم من مفسدة السكوت عن سب آلهتهم، وإن كان في هذا السكوت شيء من المفسدة، ولكن نسكت لئلا نقع في مفسدة أعظم، وأيضا العقل دل عليها.
وفيها قاعدة مقابلة، وهي: ترك أدنى المصلحتين لنيل أعلاهما، إذا كان لا بد من ترك إحداهما، فإذا اجتمعت مصلحتان لا يمكن الأخذ بهما جميعا؛