الأول: أن يقسم على ما أخبر الله به ورسوله من نفي أو إثبات، فهذا لا بأس به، وهذا دليل على يقينه بما أخبر الله به رسوله، مثل: والله، ليشفعن الله نبيه في الخلق يوم القيامة، ومثل: والله، لا يغفر الله لمن أشرك به.
الثاني: أن يقسم على ربه لقوة رجائه وحسن الظن بربه؛ فهذا جائز لإقرار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك في قصة الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك رضي الله عنهما، « (حينما كسرت ثنية جارية من الأنصار، فاحتكموا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقصاص، فعرضوا عليهم الصلح، فأبوا، فقام أنس بن النضر، فقال: أتكسر ثنية الربيع؟ والله يا رسول الله لا تكسر ثنية الربيع. وهو لا يريد به رد الحكم الشرعي، فقال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا أنس! كتاب الله القصاص) ؛ يعني: السن بالسن. قال: والله، لا تكسر ثنية الربيع) ،» وغرضه بذلك أنه لقوة ما عنده من التصميم على أن لا تكسر ولو بذل كل غال ورخيص أقسم على ذلك.
فلما عرفوا أنه مصمم ألقى الله في قلوب الأنصار العفو فعفوا، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) » ، فهو لقوة رجائه بالله وحسن ظنه أقسم على الله أن لا تكسر ثنية الربيع؛ فألقى الله العفو في قلوب هؤلاء الذين صمموا أمام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على القصاص، فعفوا وأخذوا الأرش.
فثناء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهادة بأن الرجل من عباد الله، وأن الله أبر قسمه ولين له هذه القلوب، وكيف لا وهو الذي قال: بأنه يجد ريح الجنة دون أحد،