للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مقام الذم كما في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارا) . وكما في قوله تعالى: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا) . وكما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً" (١) . وكقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العائد في هبته كالكلب يقي ثم يعود في قيئه" (٢) .

فالتشبيه بالحيوان في أداء العبادة يكون النهي عنه أشد وأعظم، والبعير إذا برك كما نشاهده يبدأ بيديه، فأول ما يثني يديه ويخر عليهما، ثم يتمم بروكه، فنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الساجد أن يبرك كما يبرك البعير، وذلك بأن يقدم يديه قبل ركبتيه فإذا قدم يديه قبل ركبتيه في حال السجود فقد برك كما يبرك البعير وعلى هذا يكون المشروع: أن يبدأ بركبتيه قبل يديه، كما في حديث وائل بن حجر قال: "رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد وضع ركبته قبل يديه" (٣) ، وكما أن هذا هو الموافق للنزول باعتبار البدن فتنزل الأسافل أولاً بأول، كما ترتفع الأعالي أولاً بأول، ولهذا عند النهوض من السجود يبدأ بالجبهة والأنف، ثم باليدين، ثم بالركبتين، ففي


(١) رواه أحمد ٣/٤٧٥ (٢٠٣٣) .
(٢) رواه البخاري في الهبة باب ٣٠- لا يحل لأحد أن يرجع في هبته (٢٦٢١) و (٢٦٢٢) ، ومسلم في الهبات باب ٢- تحريم الرجوع في الصدقة والهبة ٣/١٢٤٠ ح٥- (١٦٢٢) .
(٣) رواه أبو داود في الصلاة باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه (٨٣٨) ، والترمذي في الصلاة باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود (٢٦٨) ، والنسائي في التطبيق (الصلاة) باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده (١٠٨٨) و (١١٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>