النزول كذلك يبدأ بالأسفل الركبتين، ثم باليدين، ثم الجبهة، والأنف.
وأما قوله في الحديث:"وليبدأ بيديه قبل ركبتيه" فهذا مما انقلب على الراوي، كما حقق ذلك ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد (١) ، وكما هو ظاهر من اللفظ، لأنه لو قدر أن الحديث ليس فيه انقلاب، لكن آخره مخالفاً لأوله؛ لأنه إذا بدأ بيديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، والنهي "لا يبرك كما يبرك البعير" مقدم على المثال لأن النهي محكم، والتمثيل قد يقع فيه الوهم من الراوي، وحينئذ نقول صواب الحديث:"وليبدأ بركبتيه قبل يديه" ليكون المثال مطابقاً للقاعدة، وهي: النهي عن البروك كما يبرك البعير.
فإن قال قائل: إن البعير يبرك على ركبتيه؛ لأن ركبتيه في يديه فإذا وضع الإنسان ركبتيه قبل يديه فقد برك على ما يبرك عليه البعير.
قلنا: نعم ركبتا البعير في يديه ولا إشكال في ذلك، ولكن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل:"فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير" حتى نقول إنك إذا بدأت بالركبتين عند السجود فقد بركت على ما يبرك عليه البعير، وهو الركبتان، وإنما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كما يبرك البعير" فالنهي عن الكيفية والصفة، وليس عن العضو المسجود عليه، وبهذا يتبين جلياً أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه في النهي عن بروك كبروك