باستلامهما تعظيم البيت الذي هو من تعظيم الله عز وجل؛ ووافقه معاوية على ذلك فجعلا ما تركه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركه من السنة، كما أن ما فعله فالسنة فعله، فتمام الأسوة به والاتباع له فعل ما فعل، وترك ما ترك من كل ما يقصد به العبد عبادة ربه، والتقرب إليه، وأن لا يعبد الله تعالى إلا بما شرع.
وفي السنن من حديث سعيد بن طارق الأشجعي قال: قلت لأبي يا أبتي إنك قد صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر، وعمر وعثمان، وعلي – رضي الله عنهم – ههنا في الكوفة منذ خمس سنين أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال:"أي بني محدث"(١) ذكره ابن القيم في زاد المعاد، وهذا إنكار منه للقنوت في الفجر مع أنه دعاء، والدعاء مشروع كل وقت، لكن تقييده بعبادة معينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقيده بها يكون بدعة. وذلك أن تمام التأسي والاتباع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتقيد العبد بما كان عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أصل العبادة، وسببها، وهيئتها، ووقتها ومكانها، فما ورد مطلقاً تعبد به مطلقاً، وما ورد مقيداً بسبب، أو بهيئة، أو وقت، أو مكان تعبد به على ما قيد به.
ولذلك لو أراد الإنسان أن يتعبد لله تعالى بصلاة كصلاة الكسوف بدون حدوث كسوف.
لقلنا له: هذا بدعة، وإن كان أصل صلاة الكسوف عبادة؛ لأنها عبادة مقيدة بسبب فلا تكون مشروعة مع عدمه.
ولو أراد أن يتعبد لله بالوقوف بعرفة في غير وقته.
...
(١) رواه الترمذي في الصلاة باب: ما جاء في ترك القنوت وصححه وتابعه محققاً زاد المعاد ١/٢٦٣.