من وزر غيره شيئًا، وليس المراد أنه لا يصل إليه ثواب سعي غيره؛ لكثرة النصوص الواردة في وصول ثواب سعي الغير إلى غيره وانتفاعه به إذا قصده به، فمن ذلك:
١ - الدعاء:فإن المدعو له ينتفع به بنص القرآن الكريم والسنة، وإجماع المسلمين، قال الله -تعالى- لنبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} فالذين سبقوهم بالإيمان هم المهاجرون والأنصار، والذين جاءوا من بعدهم هم التابعون فمن بعدهم إلى يوم الدين؛ وثبت عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه أغمض أبا سلمة، وقال:«اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه، وافسح له في قبره، ونور له فيه» . وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي على أموات المسلمين، ويدعو لهم، ويزور المقابر، ويدعو لأهلها، واتبعته أمته في ذلك حتى صار هذا من الأمور المعلومة بالضرورة من دين الإسلام؛ وصح عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال:«ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه» ... "
وهذا لا يعارض قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم لأن المراد به عمل الإنسان نفسه، لا عمل غيره له؛ وإنما جعل دعاء الولد الصالح من عمله؛ لأن الولد من كسبه