للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جده العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، وأراد ابنه عمرو بن العاص أن يعتق عنه الخمسين الباقية، فسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: «إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم، أو تصدقتم عنه، أو حججتم بلغه ذلك» . وفي رواية: «فلو كان أقر بالتوحيد، فصُمتَ، وتصدقت عنه نفعه ذلك» . رواه أحمد وأبو داود.

فإن قيل: هلا تقتصرون على ما جاءت به السنة من إهداء القرب، وهي: الحج، والصوم، والصدقة، والعتق؟

فالجواب: أن ما جاءت به السنة ليس على سبيل الحصر، وإنما غالبه قضايا أعيان سئل عنها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأجاب به، وأومأ إلى العموم بذكر العلة الصادقة بما سئل عنه وغيره، وهي قوله: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته» . ويدل على العموم أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» . ثم لم يمنع الحج، والصدقة، والعتق، فعلم من ذلك أن شأن العبادات واحد، والأمر فيها واسع.

فإن قيل: فهل يجوز إهداء القرب الواجبة؟

فالجواب: أما على القول بأنه لا يصح إهداء القرب إلا إذا نواه المهدي قبل الفعل، بحيث يفعل القربة بنية أنها عن فلان، فإن إهداء القرب الواجبة لا يجوز لتعذر ذلك، إذ من شرط القرب الواجبة أن ينوي بها الفاعل أنها عن نفسه قيامًا بما أوجب الله -تعالى- عليه؛ اللهم إلا أن تكون من فروض الكفايات، فربما يقال: بصحة ذلك، حيث ينوي الفاعل القيام بها عن غيره، لتعلق الطلب بأحدهما لا بعينه.

وأما على القول بأنه يصح إهداء القرب بعد الفعل ويكون ذلك إهداء لثوابها بحيث يفعل القربة ويقول: اللهم اجعل ثوابها لفلان، فإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>