لا يصح إهداء ثوابها أيضًا على الأرجح؛ وذلك لأن إيجاب الشارع لها إيجابًا عينيًا دليل على شدة احتياج العبد لثوابها، وضرورته إليه، ومثل هذا لا ينبغي أن يؤثر العبد بثوابه غيره.
فإن قيل: إذا جاز إهداء القرب إلى الغير فهل من المستحسن فعله؟
فالجواب: أن فعله غير مستحسن إلا فيما وردت به السنة، كالأضحية، والواجبات التي تدخلها النيابة؛ كالصوم والحج، وأما غير ذلك فقد قال شيخ الإسلام في الفتاوى (ص ٣٢٢-٣٢٣ج٢٤) مجموع ابن قاسم: "إن الأمر الذي كان معروفًا بين المسلمين في القرون المفضلة أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها، ويدعون للمؤمنين والمؤمنات كما أمر الله بذلك، لأحيائهم وأمواتهم"، قال:"ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعًا، وصاموا، وحجوا، أو قرءوا القرآن الكريم يهدون ذلك لموتاهم المسلمين، ولا لخصوصهم (١) . بل كان عادتهم كما تقدم، فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريقة السلف، فإنها أفضل وأكمل". ا. هـ.
وأما ما روي أن رجلًا قال: «يا رسول الله إن لي أبوين، وكنت أبرهما في حياتهما فكيف البر بعد موتهما؟ فقال:"إن من البر أن تصلي لهما مع صلاتك، وتصوم لهما مع صيامك، وتصدق لهما مع صدقتك» . فهو حديث مرسل لا يصح. وقد ذكر الله -تعالى- مكافأة الوالدين بالدعاء، فقال تعالى:{وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} . وعن أبي أسيد -رضي الله عنه- «أن رجلًا سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم، الصلاة عليهما،»