إنه واجب الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو أعلم الخلق بشرع الله، ولا يمكن أن يطلق على شيء مستحب أنه واجب، فهو أعلم الخلق بشريعة الله، وهو أفصح الخلق بما ينطق به، وهو أنصح الخلق للخلق، وهو أصدق الخلق خبراً فهو يقول:«غسل الجمعة واجب» ثم قرن الوجوب بما يقتضي التكليف «على كل محتلم» لأن المحتلم هو الذي تجب عليه الواجبات، والمحتلم ليس هو الذي يحتلم بالفعل، فالمحتلم بالفعل يجب عليه الغسل ولو في غير يوم الجمعة، ولكن غسل الجمعة واجب على كل محتلم، أي: بالغ.
وأظن أننا لو قرأنا هذه العبارة في مصنف من مصنفات الفقه لم يبق عندنا شك بأن المؤلف يرى الوجوب، فكيف والناطق به الرسول عليه الصلاة والسلام؟! ثم إن في الغسل فائدة للبدن تنشيطاً وتنظيفاً، ويدل للوجوب ما جرى بين عمر وعثمان رضي الله عنهما كان عمر رضي الله عنه يخطب الناس فدخل عثمان رضي الله عنه في أثناء الخطبة فكأن عمر رضي الله عنه لامه على تأخره قال: والله يا أمير المؤمنين ما زدت على أن سمعت الأذان فتوضأت ثم أتيت، فقال له عمر رضي الله عنه أمام الناس وهو يخطب:«والوضوء أيضاً» يعني تقتصر على الوضوء وتأتي متأخراً، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل» ، فكلمه بنوع من التوبيخ، واستدل لذلك بقول