للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك قول زكريا -عليه الصلاة والسلام-: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} فهذه أنواع من التوسل كلها جائزة؛ لأنها أسباب صالحة لحصول المقصود بالتوسل بها.

النوع السادس: التوسل إلى الله -عز وجل- بدعاء الرجل الصالح الذي ترجى إجابته، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يسألون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو الله عز وجل لهم بدعاءٍ عام، ودعاءٍ خاص؛ ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- «أن رجلًا دخل يوم الجمعة والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يديه وقال: "اللهم أغثنا" ثلاث مرات، فما نزل من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته، وبقي المطر أسبوعًا كاملًا، وفي الجمعة الأخرى جاء ذلك الرجل أو غيره والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب فقال: يا رسول الله، غرق المال، وتهدم البناء فادع الله أن يمسكها عنا، فرفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا" فما يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت، حتى خرج الناس يمشون في الشمس» . وهناك عدة وقائع سأل الصحابة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو لهم على وجه الخصوص ومن ذلك «أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر أن في أمته سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وهم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن وقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال: "أنت منهم» فهذا أيضًا من التوسل الجائز وهو أن يطلب الإنسان من شخص ترجى إجابته أن

<<  <  ج: ص:  >  >>