للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعو الله -تعالى- له؛ إلا أن الذي ينبغي أن يكون السائل يريد بذلك نفع نفسه، ونفع أخيه الذي طلب منه الدعاء، حتى لا يتمحض السؤال لنفسه خاصة؛ لأنك إذا أردت نفع أخيك ونفع نفسك صار في هذا إحسان إليه؛ فإن الإنسان إذا دعا لأخيه في ظهر الغيب قال الملك: " آمين ولك بمثل " وهو كذلك يكون من المحسنين بهذا الدعاء والله يحب المحسنين.

القسم الثاني: التوسل غير الصحيح وهو:

أن يتوسل الإنسان إلى الله -تعالى- بما ليس بوسيلة؛ أي بما لم يثبت في الشرع أنه وسيلة؛ لأن التوسل بمثل ذلك من اللغو، والباطل المخالف للمعقول والمنقول؛ ومن ذلك أن يتوسل الإنسان إلى الله -تعالى- بدعاء ميت يطلب من هذا الميت أن يدعو الله له؛ لأن هذا ليس وسيلة شرعية صحيحة؛ بل من سفه الإنسان أن يطلب من الميت أن يدعو الله له؛ لأن الميت إذا مات انقطع عمله، ولا يمكن لأحد أن يدعو لأحد بعد موته، حتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يمكن أن يدعو لأحد بعد موته؛ ولهذا لم يتوسل الصحابة -رضي الله عنهم- إلى الله بطلب الدعاء من رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد موته؛ فإن الناس لما أصابهم الجدب في عهد عمر -رضي الله عنه- قال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " فقام العباس -رضي الله عنه- فدعا الله -تعالى-. ولو كان طلب الدعاء من الميت سائغًا، ووسيلة صحيحة لكان عمر ومن معه من الصحابة يطلبون ذلك من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأن إجابة دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقرب من إجابة

<<  <  ج: ص:  >  >>