فإن قيل: ما الفرق بين الحلي المباح وبين الثياب المباحة إذا قلنا بوجوب الزكاة في الأول دون الثاني؟
فالجواب: أن الشارع فرق بينهما، حيث أوجبها في الذهب والفضة من غير استثناء، بل وردت نصوص خاصة في وجوبها في الحلي المباح المستعمل كما سبق، وأما الثياب فهي بمنزلة الفرس وعبد الخدمة، اللذين قال فيهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» فإذا كانت الثياب للبس فلا زكاة فيها، وإن كانت للتجارة ففيها زكاة التجارة.
فإن قيل: هل يصح قياس الحلي المباح المعد للاستعمال، على الثياب المباحة المعدة للاستعمال كما قاله من لا يوجبون الزكاة في الحلي؟
فالجواب: لا يصح القياس لوجوه:
الأول: أنه قياس في مقابلة النص، وكل قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد، وذلك لأنه يقتضي إبطال العمل بالنص، ولأن النص إذا فرق بين شيئين في الحكم فهو دليل على أن بينهما من الفوارق ما يمنع إلحاق أحدهما بالآخر، ويوجب افتراقهما، سواء علمنا تلك الفوارق أم جهلناها، ومن ظن افتراق ما جمع الشارع بينهما، أو اجتماع ما فرق الشارع بينهما فظنه خطأ بلا شك، فإن الشرع نزل من لدن حكيم خبير.
الثاني: أن الثياب لم تجب الزكاة فيها أصلاً، فلم تكن الزكاة