للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجب تقديم القول، لأن الفعل يحتمل أن يكون لسبب يعارض عموم القول لم نعلم به، لاسيما الفعل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه قد يكون خاصًّا به، والحجامة للصائم قد يكون جوازها وعدم الفطر بها خاصًّا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن علة الإفطار بها الضعف الحاصل بخروج الدم من البدن، فيحتاج البدن إلى التعويض عنه بالأكل، وهذه العلة قد تكون منتفية في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما انتفت في حقه علة النهي عن الوصال في الصوم، فإن استقام هذا التخصيص صارت الحجامة مفطرة في حق غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مفطرة في حقه وزال الإشكال.

وإن لم يستقم ذلك فجمهور العلماء على أن الحجامة لا تفطر احتجاجاً بحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي في صحيح البخاري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم، لأنه أقوى من حديث شداد: أفطر الحاجم والمحجوم، قال الشافعي: (حديث ابن عباس أمثلهما إسناداً، فإن توقى أحد الحجامة كان أحب إليَّ احتياطاً، والقياس مع حديث ابن عباس، والذي أحفظ عن الصحابة والتابعين وعامة أهل العلم أنه لا يفطر أحد بالحجامة) ذكره في مختلف الحديث، نقله عنه في فتح الباري (ص ٧٧١ ج ٤) المطبعة السلفية، وذكر في مختصر المزني (ص ٠٣٥) المطبوع في آخر كتاب الأم: والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين وعامة المدنيين أنه لا يفطر أحد بالحجامة. اه وأجابوا عن حديث شداد على تقدير صحته بأن معناه: أن الحاجم والمحجوم متعرضان للفطر، لما يلحق

<<  <  ج: ص:  >  >>