للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن حِكَم الصيام: أنه سبب للتقوى كما قال سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣] ، فإن الصائم مأمور بفعل الطاعات واجتناب المعاصي كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (١) . وإذا كان الصائم متلبِّسا بالصيام فإنه كلما هَمَّ بمعصية تذكر أنه صائم فامتنع عنها؛ ولهذا أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصائم أن يقول لمن سابَّه أو شاتمه: «إني امرؤ صائم» ، تنبيها له على أن الصائم مأمور بالإمساك عن السب والشتم، وتذكيرا لنفسه بأنه متلبس بالصيام فيمتنع عن المقابلة بالسب والشتم.

* ومن حكم الصيام: أن القلب يتخلى للفكر والذكر، لأن تناول الشهوات يستوجب الغفلة، وربما يُقَسِّي القلب ويُعْمِي عن الحق، ولذلك أرشد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى التخفيف من الطعام والشراب، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يُقِمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» (٢) ، وفي الحديث «أن حنظلة الأسيدي - وكان من كُتَّاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نافق حنظلةُ. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وما ذاك؟ " قال: يا رسول الله نكون عندك تذَكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا


(١) رواه البخاري.
(٢) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه , وقال الترمذي: حديث حسن صحيح وصححه أيضا الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>