للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مغربها لم تنفع التوبة , قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨] ، والمراد ببعض الآيات طلوع الشمس من مغربها، فسرها بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تزال التوبة تقبل حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت طُبِعَ على كل قلب بما فيه وكفي الناسَ العملُ» (١) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه» (٢) .

وأما الخاص فهو عند حضور الأجل , فمتى حضر أجل الإنسان وعاين الموت لم تنفعه التوبة ولم تقبل منه , قال الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: ١٨] ، وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (٣) يعني بروحه.

ومتى صحت التوبة باجتماع شروطها وقُبِلَت محا الله بها ذلك الذنب الذي تاب منه وإن عَظُمَ، قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] .

وهذه الآية في التائبين المنيبين إلى ربهم المسلمين له , قال الله


(١) قال ابن كثير: حسن الإسناد.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>