للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: الشكر: وهذه قد يستغربها الإنسان، فكيف يمكن للإنسان أن يصاب بمصيبة فيشكر الله، وهل هذا إلا مناف لطبيعة البشر؟ ولكن يكون هذا إذا عرف الإنسان قدر ثواب المصيبة إذا صبر عليها قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ، فيقول: ما أرخص الدنيا عندي، وما أقلها في عيني، إذا كنت أنال بهذه المصيبة التي صبرت عليها أنال هذه الصلوات وهذه الرحمة من الله - عز وجل - وهذا الأجر الذي أوفاه بغير حساب، فيشكر الله على هذه النعمة ويرى أن هذه من نعمة الله عليه؛ لأن كل الدنيا زائلة وفانية، والأجر، والصلوات، والرحمة باقية، فيشكر الله على هذه المصيبة - والشكر هنا على المصيبة مستحب وليس بواجب؛ لأنه أعلى من الرضا - أما الشكر على النعم فهو واجب.

فهذه هي مراتب الإنسان بالنسبة للمقضي كونا مما يخالف الطبيعة ولا يلازم رغبة الإنسان.

وهنا مسألة: إذا قال قائل: ما تقولون في الرضا بالنسبة لما يفعله الإنسان من الأمور الشرعية كما لو زنى إنسان، أو سرق، فهل ترضون بزناه وسرقته؟

فالجواب: أن فيها نظرين: الأول باعتبار أن الله قدرها وأوجدها، فهي من هذه الناحية قضاء كوني يجب علينا أن نرضى به، فلا نقول: لماذا جعل الله الزاني يزني، وجعل السارق يسرق، فليس لنا أن نعترض.

أما بالنسبة لفعل العبد لها فلا نرضى، ولهذا فإننا نقيم عليه الحد قال

<<  <  ج: ص:  >  >>