للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وإن أصابك شيء - أي بعد أن تحرص على ما ينفعك، وتستعين بالله - إن أصابك شيء لا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا فإن (لو) تفتح عمل الشيطان» .

فلو أن إنسانا خرج للنزهة بسيارته - التي هي من أحسن السيارات - فأصيب بحادث وتكسرت السيارة فبدأ يقول: لو أني -ما خرجت لهذه النزهة ما تكسرت السيارة، ويندم نفسه، ويلوم نفسه، فهل ينفعه هذا؟ أبدا لا ينفع؛ لأن هذا كتب وسيجري الأمر بما كتب مهما كان.

ثانيا: الصبر: يتألم الإنسان من المصيبة جدا ويحزن، ولكنه يصبر، لا ينطق بلسانه، ولا يفعل بجوارحه، قابض على قلبه، موقفه أنه قال: " اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها ". " إنا لله وإنا إليه راجعون "، فحكم الصبر هنا الوجوب، فيجب على الإنسان أن يصبر على المصيبة، وألا يحدث قولا محرما، ولا فعلا محرما.

ثالثا: الرضا: تصيبه المصيبة فيرضى بقضاء الله، والفرق بين الرضا والصبر، أن الراضي لم يتألم قلبه بذلك أبدا، فهو يسير مع القضاء «إن إصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له» ، ولا يرى الفرق بين هذا وهذا بالنسبة لتقبله لما قدره الله - عز وجل -، أي إن الراضي تكون المصيبة وعدمها عنده سواء. هذه المسألة يقول بعض العلماء: إنها واجبة، لكن جمهور أهل العلم على أنها ليست بواجبة، بل مستحبة، فهذه لا شك أنها أكمل حالا من الصبر، وأما أن نلزم الناس ونقول: يجب عليكم أن تكون المصيبة وعدمها عندكم سواء، فهذا صعب ولا أحد يتحمله، فالصبر يستطيع الإنسان أن يصبر، ولكن الرضا يعجز أن يرضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>