للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: هذا قضاء الله وقدره، فهل يقبل هذه الحجة؟ بالتأكيد أنه لن يقبلها، مع أنه إذا عصى الله قال: هذا قضاء الله وقدره ولكن نحن إذا عصينا الله فيه ما يقبل أن نقول له: هذا قضاء الله وقدره، بل يقول: هذا من فعلكم أنتم، أليست هذه حجة عليه؟ ولهذا يذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جيء إليه بسارق فأمر بقطع يده؛ لأن السارق يجب أن تقطع يده، فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فوالله ما سرقت إلا بقضاء الله وقدره، فهو صادق لكن أمامه عمر فقال له رضي الله عنه: ونحن لا نقطعك إلا بقضاء الله وقدره، فأمر بقطعه بقضاء الله وقدره، فاحتج عليه عمر بما احتج به هو على عمر.

فإذا قال قائل: إن لدينا حديثا أقر فيه النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الاحتجاج بالقدر وهو: «أن آدم احتج هو وموسى فقال له موسى: أنت أبونا خيبتنا أخرجتنا ونفسك من الجنة، فقال له آدم: أتلومني على شيء قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني؟ فقال النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» ، أي غلبه بالحجة مع أن آدم احتج بقضاء الله وقدره. فهل هذا الحديث إلا إقرار للاحتجاج بالقدر؟

فالجواب أن نقول: إن هذا ليس احتجاجا بالقضاء والقدر على فعل العبد ومعصية العبد، لكنه احتجاج بالقدر على المصيبة الناتجة من فعله، فهو من باب الاحتجاج بالقدر على المصائب لا على المعائب، ولهذا قال: «خيبتنا، أخرجتنا ونفسك من الجنة» . ولم يقل: عصيت ربك فأخرجت من الجنة.

إذن احتج آدم بالقدر على الخروج من الجنة الذي يعتبر مصيبة، والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>