حتى إنك تجد الرجل الجلد الشاب يوكل من يرمي عنه، أو المرأة التي تستطيع أن ترمي بنفسها توكل من يرمي عنها، وهذا خطأ عظيم، وإذا وكل الإنسان أحداً يرمي له وهو قادر على الرمي فإنه لا يجزئه.
يقول بعض الناس: إن النساء يحتجن إلى التوكيل من أجل الزحام، والاختلاط بالرجال.
فنقول: هذا لا يبيح لهن التوكيل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن لسودة بنت زمعة- رضي الله عنها- إحدى نسائه وكانت ثقيلة لم يأذن لها أن توكل، بل أذن لها أن تدفع من مزدلفة في آخر الليل قبل زحمة الناس، ولو كان التوكيل جائزًا لأمرها أن تبقى في مزدلفة حتى تصلي الفجر ثم تتبعه وتوكل على الرمي لو كان التوكيل جائزاً، ثم نقول: مسألة الزحام واردة حتى في الطواف وفي السعي، بل هي في الطواف والسعي أخطر وأعظم، لأن الناس في الرمي ليس اتجاههم واحداً، فهذا يأتي، وهذا يذهب، ثم إنهم يكونون على وجه عجل ليس فيه وقوف ولا تأمل، بخلاف الطواف
فإنه اتجاههم واحدًا، ويكون مشيهم رويداً رويداً فالفتنة فيه أخطر، ومع ذلك ما قال أحد: إن المرأة مع الزحام في الطواف توكل من يطوف عنها، وعلى هذا فيجب على الحاج أن يرمي بنفسه، فإن كان عاجزاً كامرأة حامل، أو مريض، أو شيخ كبير، لا يستطيع فإنه يوكل في هذه الحال، ولولا أنه روي عن الصحابة- رضي الله عنهم- أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، لقلنا: إنه إذا كان عاجزاً لا
يوكل، بل يسقط عنه، لأن الواجبات تسقط بالعجز، لكن لما جاء التوكيل في أصل الحج لمن كان عاجزاً عجزاً لا يرجى زواله، وروي