للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الصحابة- رضي الله عنهم- إن كانوا يرمون عن الصبيان (١) ، قلنا: بجواز التوكيل في الرمي لمن كان عاجزاً عنه، وأما من يشق عليه الرمي من الزحام، فإن ذلك ليس عذراً له في التوكيل، بل

نقول له: ارم بنفسك في النهار إن كنت تستطيع المزاحمة، وإن كانت المزاحمة تشق عليك فارم في الليل، فإن الأمر في ذلك واسع، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام وقت في أيام التشريق أول الرمي ولم يوقت آخره فدل على أنه آخره يمتد إلى الفجر فيرمي الإنسان حسب ما تيسر له ولو في الليل، والذين أذن لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل كانوا يرمون إذا وصلوا كما روي عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- أنها كانت ترمي ثم تصلي الفجر، وهذا دليل على أن الأمر في ذلك واسع، فما حدده الشرع التزمناه، وما أطلقه فإن هذا من سعة الله سبحانه وتعالى وكرمه، نعم لو فرض أن الإنسان بعيد منزله ويشق عليه أن يتردد كل يوم إلى الجمرات فله أن يجمع ذلك إلى آخر يوم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لرعاة الإبل أن يرموا يوماً، ويدعو يوماً (٢) ، ثم يرموا في اليوم الثالث لليومين، فإذا قدر أن من الناس من منزله بعيد ويشق عليه أن يأتي كل يوم، فله أن لمجمع، وأما مع عدم المشقة فلا يجوز له أن يؤخر رمي كل يوم إلى اليوم الذي يليه.

وأما الإجابة عن السؤال وهو: هل يجوز أن يتوكل من ليس بمحرم في رمي الجمرات؟ فإن الفقهاء- رحمهم الله- قالوا: لا يصح


(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/٣١٤) ، وابن ماجة (٨٥٣٨) .
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب في رمي الجمار (رقم ١٩٧٦) والترمذي كتاب الحج، باب ما جاء في الرخصة للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوماً (رقم ٩٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>