وسبق من حديثه في الجمع بين المغرب والعشاء ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي راتبة لهما، ومراد ابن عمر رضي الله عنهما بقوله:"لو كنت مسبحاً لأتممت " أي لو كنت متطوعاً بما تكمل به فريضتي من راتبة لأتممتها؛ بدليل أنه صحَّ عنه رضي الله عنه أنه كان يتطوع على راحلته ويوتر عليها، ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله.
ومن تراجم البخاري رحمه الله في "صحيحه ": باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها، وباب من تطوع في السفر في غير دبر الصلاة وقبلها.
أما راتبة الفجر فيصليها حضراً وسفراً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر، ولم يكن يدعهما أبداً كما في "صحيح البخاري" عن عائشة رضي الله عنها (٣/٤٢) من "الفتح "، وفي "صحيح مسلم " عن أبي قتادة رضي الله
عنه أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر قصة نومهم عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم فساروا عن مكانهم، ثم نزل فتوضأ، ثم أذَّن بلال بالصلاة فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم صلى الغداة، فصنع كما يصنع كل يوم، وله نحوه من حديث أبي هر ير ة (١) .
وإنما أطلنا الكلام في تطوع المسافر بالنافلة؛ لأن بعض الناس يري أن لا تطوع للمسافر مطلقاً، وقد تبيَّن مما ذكرنا أن الذي
(١) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، رقم (٦٨٠، ٦٨١) .