من السنن من غير أن يَنظُرَ في اتصالِ إسناده، وحال رواته، كما أنه ليس له أن يحتجَّ بحديثِ من المسانيدِ حتى يُحيط علماً بذلك، وإن كان غيرَ متأهلِ لذلك، فسبيلُه أن يَنظُر في الحديث إن كان في "الصحيحين" أو صرحَ أحدٌ من الأئمة بصحته، فله أن يُقلِّد في ذلك، وإن لم يجد أحداً صححه ولا حسَّنه، فليس له أن يُقْدِمَ على الاحتجاج به، فيكونَ كحاطبِ ليلٍ، فلعلَّه يحتجُّ بالباطلِ وهو لا يَشعُر.
وقد وفقنا الله سبحانه في معظمِ ما شرحناه وحققناه من الأصول إلى مراعاةِ هذا الجانبِ المهم، والعناية به أشدَّ العناية، والتوسعِ فيه غايةَ التوسع، لنتَحَلَّلَ من تَبِعَةِ التقصير فيما أوجبه الله علينا في هذا العِلْمِ الذي أكرمنا الله سبحانه وتعالى به.
٥ - كما قمنا بشرح ما يحتاج إلى الشرح من الأحاديث لبيان فقهها، معتمدينَ في أكثر ذلك على شرح الإمامِ الخطابي في "معالم السنن" و"تهذيب ابن قيم الجوزية"، ثم على شرح أبي الطيب العظيم آبادي "عون المعبود"، وشرح خليل أحمد السهارنفوري "بذل المجهود"، ثم على شروح الأصول الستة وغيرها من الكتب التي تولّت ذلك.
وقد عوَّلْنا في شرحِ غريب ألفاظ الحديث على أهمِّ الكتبِ المعنيةِ بذلك، وفي مقدمتها شرحُ الخطابي "معالم السنن" الذي اعتنى كثيراً بتفسيرِ غريب الحديث إلى جانب عنايته بالفقه، وتدوين خلاف العلماء المجتهدين، وذلك لكونه قد تلمذ لابن الأعرابي وغلام ثعلب، وهما من أعلام أئمة اللغة. وربما نقل عنهما في بعض المواضع.