قال ابن التركماني: جَعلُ هذا الكلام من قول مَن دونَ عائشةَ دعوى، بل هو معطوف على ما تقدَّم من قولها: السنة كذا وكذا، وهذا عند المحدثين من قسم المرفوع. رواه عروة عن عائشة مرةً، وأفتى به مرة أخرى، وقد أخرجه الدارقطني (٢٣٦٣) من حديث القاسم بن معن، عن ابن جريج، عن الزهري، بسنده. وفي آخره: ويؤمَرُ من اعتكف أن يصومَ. وأخرجه أيضاً (٢٣٦٤) من حديث الحجاج، عن ابن جريج، بسنده. وفي آخره: وسنةُ من اعتكف أن يصومَ. وانظر كلام الحافظ في"الفتح" ٤/ ٢٧٣. قال الخطابي في "المعالم": قولها: السنة، إن كانت أرادت بذلك إضافة هذه الأمور إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قولاً أو فعلاً، فهي نصوص لا يجوز خلافها، وإن كانت أرادت الفتيا على معاني ما عقلت من السنة فقد خالفها بعض الصحابة في بعض هذه الأمور، والصحابة إذا اختلفوا في مسألة كان سبيلها النظر ... ويشبه أن يكون أرادت بقولها: لا يعود مريضاً، أي: لا يخرج من معتكفه قاصداً عيادته وأنه لا يضيق عليه أن يمر به فيسأله غير معرج عليه كما في الحديث السالف. وقولها: لا اعتكاف إلا في مسجد جامع، فقد يحتمل أن يكون معناه نفي الفضيلة والكمال وإنما يكره الاعتكاف في غير الجامع لمن نذر اعتكافاً أكثر من جمعة لئلا تفوته صلاة الجمعة، فأما من كان اعتكافه دون ذلك فلا بأس به، والجامع وغيره سواء في ذلك. والله أعلم.