وقوله: "وعليهم ما على المهاجرين" أي: من الجهاد والنَّفير، أي وقتٍ دُعُوا إليه لا يتخلَّفون. والأعراب: من أجاب منهم وقاتل أحد سهمَه، ومن لم يخرج في البعث فلا شيء له من الفيء، ولا عتْب عليه، ما دام في أهل الجهاد كفاية. وقوله: "فإن أبو فادعُهم إلى إعطاء الجزية" فظاهره يوجب قبول الجزية من كل مشرك، كتابيٍّ أو غير كتابيٍّ، من عَبَدة الشمس والنيران والأوثان، إذا أذعَنوا لها وأعطَوها، وإلى هذا ذهب الأوزاعي. ومذهب مالك قريب منه وحكى عنه أنه قال: تقبل من كل مشرك إلا المرتد. وقال الشافعي: لا تقل الجزية إلا من أهل الكتاب، سواءٌ كانوا عرباً أو عجماً، وتقبل من المجوس، ولا تقل من مشرك غيرهم. وقال أبو حنيفة: تقل من كل مشرك من العجم، ولا تقبل من مشركي العرب. قلت (القائل الخطابي): لم يثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه حارب أعجمياً قط، ولا بعث إليهم جيشاً, وإنما كانت عامة حروبه مع العرب, وكذلك بعوثه وسراياه، فلا يجوز أن يصرف هذا الخطاب عن العرب إلى غيرهم. (١) أخرجه مسلم (١٧٣١)، وابن ماجه (٢٨٥٨)، والنسائي في "الكبرى" (٨٧١٢) من طريق علقمة بن مرثد، به.