للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتبت إلى نافعٍ أسالُه، عن دُعاءِ المشركين عند القتال، فكتب إليَّ أن ذلك كان في أول الإسلام، وقد أغارَ نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على بني المُصْطَلِقِ وهم غَارُّون، وأنعامُهم تُسقَى على الماء، فقتل مُقاتِلَتَهُم، وسَبَى سَبْيَهُم، وأصاب يومئذٍ جُوَيرِيَةَ بنتَ الحارثِ. حدَّثني بذلك عبدُ الله وكان في ذلك الجيش (١).

قال أبو داود: هذا حديثٌ نبِيلٌ، رواه ابن عون عن نافع، لم يَشْرَكهُ فيه أحدٌ.


(١) إسناده صحيح. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلَيّة.
وهو في "سنن سعيد بن منصور" (٢٤٨٤).
وأخرجه البخاري (٢٥٤١)، ومسلم (١٧٠٣)، والنسائي في "الكبرى" (٨٥٣١)
من طرق عن عبد الله بن عون، به.
وهو في "مسند أحمد" (٤٨٥٧).
قال النووي في "شرح مسلم": في دعاء المشركين إلى الإسلام ثلاثة مذاهب حكاها المازري والقاضي:
أحدها: يجب الإنذار مطلقاً، قاله مالك وغيره، وهذا ضعيف.
والثاني: لا يجب مطلقاً، وهذا أضعف منه أو باطل.
والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم، لكن يستحب، وهذا هو الصحيح، وبه قال نافع مولى ابن عمر والحسن البصري والثوري والليث والثافعي، وأبو ثور وابن المنذر والجمهور. قال ابن المنذر: وهو قولُ أكثر أهل العلم، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه، فمنها هذا الحديث، وحديثُ كعب بن الأشرف، وحديث قتل ابن أبي الحقيق، وفي هذا الحديث جوازُ استرقاق العرب، لأن بني المصطلق عرب مِن خُزَاعَة، وهذا قول الشافعي في الجديد، وهو الصحيح، وبه قال مالك وجمهور أصحابه، وأبو حنيفة والأوزاعي وجمهور العلماء، وقال جماعة من العلماء: لا يُسترقون، وهذا قول الشافعي في القديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>