وكذلك رواه مرسلاً الذين أشار إليهم المصنف بإثر الحديث، وهم هشيم ومعمر وخالد الواسطي. وأخرج النسائي (٤١٧٧) من طريق أبي نُخيلة البجلي، عن جرير بن عبد الله قصة بيعته النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وفيه: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتُنَاصِحَ المسلمين، وتفارق المشركين" وإسناده صحيح. ولابن ماجه (٢٥٣٦)، والنسائي (٢٥٦٨) من حديث معاوية بن حيدة، رفعه: "لا يقبل الله من مشرك أشرك بعدما أسلم عملاً حتى يفارق المشركين إلى المسلمين". وسنده حسن. قال الخطابي: إنما أمر بنصف العقل، ولم يكمل لهم الدية -بعد علمه بإسلامهم- لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره. فسقط حصة جنايته من الدية. وأما اعتصامهم بالسجود فإنه لا يُمحِّص الدلالة على قبول الدين، لأن ذلك قد يكون منهم في تعظيم السادة والرؤساء، فعُذِروا لوجود الشبه. وفيه دليل على أنه إذا كان أسيراً ي أيديهم فأمكنه الخلاص والانفلات منهم لم يحل له المقام معهم، وإن حلَّفوه فحلف لهم أن ايخرج، كان الواجب أن يخرج، إلا أنه إن كان مكرهاً على اليمين لم تلزمه الكفارة، وإن ان غير مكره كانت عليه الكفارة عن يمينه. وعلى الوجهين جميعاً، فعليه الاحتيال للخلاص، وقد قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه". وقوله: "لا تَراءى ناراهما: فيه وجوه: أحدها: معناه: لا يستوي حكماهما، قاله بعض أهل العلم. =