وقوله في الحديث "لا يقتل مؤمن بكافر" أخرجه ابن ماجه (٢٦٥٩) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والترمذي (١٤٧١) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (٧٠١٢) لكن ليس فيه قوله: "يردُّ مُشِدُّهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم"، ولا قوله: "ولا ذو عهد في عهده". وقد أخرجه بتمامه ابن الجارود (١٠٧٣) من طريق عُبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي ٨/ ٢٩ من طريق إبراهيم بن سعد و ٩/ ٥١ من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عمرو بن شعيب، به. لكنه لم يذكر قوله: "يرد مشدهُّم على مضُعفهم". ويشهد له بتمامه حديث علي بن أبي طالب الآتي عند المصنف برقم (٤٥٣٠). وإسناده صحيح. وسيتكرر عند المصنف طريق عُبيد الله بن عمر بن ميسرة برقم (٤٥٣١). وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" سيأتى ضمن الحديث (٤٥٠٦). قال الخطابي: قوله: " تتكافأ دماؤهم"معناه: أن أحرار المسلمين دماؤهم متكافئة في وجوب القصاص والقود لبعضهم من بعض، لا يفضّل منهم شريف على وضيع. فإذا كان المقتول وضيعاً وجب القصاص على قاتله. وإن كان شريفا لم يُسقِط القَوَدَ عنه شرفُه، وإن كان القتيل شريفا لم يُقتص له إلا من قاتله حَسْبُ. وكان أهل الجاهلية لا يرضَون في دم الرجل الشريف بالاستقادة من قاتله، ولا يرونه بواء به، حتى يقتصوا من عدة من قبيلة القاتل، فأبطل الإسلام حكم الجاهلية وجعل المسلمين على التكافؤ في دمائهم، وإن كان بينهم تفاضل وتفاوت في معنى آخر. وقوله: "يسعى بذمتهم أدناهم" يريد أن العبد ومن كان في معناه من الطبقة الدنيا كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم إذا أجاروا كافراً أُمضي جوارهم ولم تُخْفَر ذمتُهم. وقوله: "ويجير عليهم أقصاهم" معناه: أن بعض المسلمين، وإن كان قاصي الدار، إذا عقد للكافر عقداً لم يكن لأحد منهم أن ينقضه، وإن كان أقرب داراً من المعقود له. =