فقال بعضُهم: أجَلْ يا أميرَ المؤمنين، اقضِ بينَهما وأرِحْهُما. قال مالكُ بن أوسٍ: خُيِّلَ إليَ أنهما قَدَّمَا أولئك النفرَ لذلك، فقال عمرُ: اتَّئِدا، ثم أقبلَ على أولئك الرَّهطِ، فقال: أُنشِدُكم باللهِ الذي بإذنهِ تقومُ السَّماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال:"لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ"؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على عليٍّ والعباسِ، فقال: أُنشِدُكُما بالله الذي بإذنِه تقومُ السماءُ والأرض، هل تعلَمانِ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال:"لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ " فقالا: نعم، قال: فإن الله عز وجل خصَّ رسولَه - صلَّى الله عليه وسلم - بخَاصّةٍ لم يَخُصَّ بها أحداً من الناس، فقال الله تعالى: َ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦)} [الحشر: ٦] فكانَ اللهُ أفاءَ على رسوله بني النَّضير، فوالله ما استأثَر بها عليكم ولا أخذَها دونكم، فكانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأخذُ منها نفقةَ سنةٍ، أو نفقتَه ونفقةَ أهلِه سنةً، ويجعلُ ما بقي أُسوةَ المالِ، ثم أقبلَ على أولئك الرَّهْط، فقال: أُنشدِكم بالله الذي بإذنِه تقومُ السماء والأرض، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على العباسِ، وعليٍّ فقال: أُنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، فلما توفي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال أبو بكر: أنا وليُّ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - , فجئت أنتَ وهذا إلى أبىِ بكر تطلبُ أنتَ ميراثَك من ابن أخيكَ، ويطلبُ هذا ميراثَ امرأتِه من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ" والله يعلمُ إنه لصادقٌ بارٌّ راشدٌ تابعٌ للحقِّ، فوليَها أبو بكر، فلما توفي قلتُ: أنا وليُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ووليُّ أبي