وذلك: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ترك أرض مكة ودورها في أيدي أهلها، ولم يقسمها. وممن قال إنه فتحها عنوة: الأوزاعي وأبو يوسف، وأبو عُبيد القاسم بن سلام، إلا أن أبا عبيد زعم أنه منَّ على أهلها، فردها عليهم، ولم يقسمها، ولم يجعلها فيئاً، وكان هذا خاصاً لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة، ليس لغيره من الأئمة أن يفعل ذلك في شيء من البلدان غيرها. وذلك: أنها مسجد لجماعة المسلمين، وهي مُناخ من سبق. وأجور بيوتها لا تطيب ولا تباع رباعها. وليس هذا لغيرها من البلدان. وقال الشافعي: فتحت مكة صلحاً. وقد سبق لهم أمان. فمنهم من أسلم قبل أن يُظْهَر لهم على شيء، ومنهم من لم يُسلم، وصار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره. فكيف يغنم مال مُسلم، أو مال من بُذِل له الأمان؟ ومَرّ الظهران: موضع بينه وبين البيت ستة عشر ميلاً، ويُعرف الآن باسم وادي فاطمة، أو الجُمُوم. (١) إسناده صحيح. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" ٢/ ١٤٣، والبيهقي ٩/ ١٢١ من طريق إسماعيل ابن عبد الكريم، بهذا الإسناد.