وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "مختصر سنن أبي داود" للمنذري ٥/ ٧١: ليس في الحديث دلالة على أخذ الأجرة، لا على قراءة القرآن، ولا على تعليمه، فإن أهل الحي ما طلبوا أبا سعيد ليقرأ لهم قرآناً، ولا ليعلمهم، وإنما طلبوه ليعالج مريضَهم، فطلبوه طبيباً لا قارئاً ولا معلماً؟ وهو لم يجهر بما قرأ، ولا يعلمهم ما قرأ، ولم يكن يعلم أن في ذلك شفاء المريض. ولكنه أيقنَ أن الله عاقَب أهلَ الحي على منعهم أبا سعيد ورفقته حقهم من الضيافة. فسلط على رئيسهم ما لسعه مِن الهوام، ليلجئهم إلى أبي سعيد ورفقته، ويضطرهم إلى أن يرضخوا لحكمه فيما يطلب من الجعل، لأنه ورفقته بأشد الحاجة إلى الطعام. كل هذا فهمه أبو سعيد وصحبه، وعلى ذلك لم يقع من أبي سعيد ولا غيره من صحبه أنهم فعلوا ذلك مرة أخرى. ولو أنهم فهموا ذلك على أنه قاعدة مضطردة لفعلوه، وتتابعوا على فعله، ولاشتهر ذلك. والله أعلم. ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.