وأما قوله: "لا تبع ما ليس عندك" فقد فسّرناه قبل. وأما قوله: "ولا شرطان في بيع" فإنه بمنزلة بيعتين. وهو أن يقول: بعتك هذا الثوب حالاً بدينار، ونسيئة بدينارين، فهذا بيع تضمن شرطين يختلف المقصود منه باختلافهما، وهو الثمن، ويدخله الغرر والجهالة. ولا فرق في مثل هذا بين شرط واحد، وبين شرطين، أو شروط ذات عدد في مذاهب أكثر العلماء. وفرق أحمد بن حنبل بين شرط واحد، وبين شرطين اثنين، فقال: إذا اشترى منه ثوباً واشترط قصارته صح البيع، فإن شرط عليه مع القصارة الخياطة فسد البيع. قال الشيخ [هو الخطابي]: ولا فرق بين أن يشترط عليه شيئاً واحداً أو شيئين لأن العلة في ذلك كله واحدة، ذلك لأنه إذا قال: بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أن تقصر لي العشرة التي هي الثمن تنقسم على الثوب وعلى أجر القصارة، فلا يُدرى حينئذٍ كم حصة الثوب من حصة الإجارَة؟ وإذا صار الثمن مجهولاً بطل البيع، وكذلك هذا في الشرطين والأكثر. وكل عقد جَمَعَ تجارة وإجارة فسبيله في الفساد هذا السبيل. وفي معناه أن يبتاع منه قفيز حنطة بعشرة دراهم على أن يطحنها أو أن يشتري منه حمل حطب على أن ينقله إلى منزله، وما أشبه ذلك مما يجمع بيعاً وإجارة. والمشروط على ضروب: فمنها ما ينقض البيوع ويُفسدها، ومنها ما لا يلائمها ولا يفسدها، وقد روي: "المسلمون عند شروطهم" وثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -:كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل". فعُلِم أن بعض الشروط يصح بعضها ويبطل، وقال: "من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع، فهذه الشروط قد أثبتها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في عقد البيوع، ولم يَرَ العقد يفسُد بها، فعلمت أن ليس كل شرط مبطلاً للبيع. =