للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥١٢ - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا ابنُ أبي ليلى، عن القاسم بنِ عبد الرحمن


= السلعة بمعنى التغليب لا من أجل التفريق، لأن كثر ما يعرض فيه النزاع ويجب معه التحالف هو حال قيام السلعة، وهذا كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنّ} [النساء:٢٣]، فذكره الحجور ليس بشرط يتغير به الحكم، ولكنه غالب الحال. وكقوله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة:٢٢٩] ولم يجر ذكر الخوف من مذهب أكثر الفقهاء للفرق، ولكن لأنه الغالب ولم يفرقوا في البيوع الفاسدة بين القائم والتالف منها فيما يجب من رد السلعة إن كانت قائمة والقيمة إن كانت تالفة، وهذا البيع مصيره إلى الفساد، لأنا نرفعه من أصله إذا تحالفا ونجعله كأنه لم يقع ولسنا نثبته ثم نفسخه، ولو كنا فعلنا ذلك لكان في ذلك تكذيب أحد الحالفَين ولا معنى لتكذيبه مع إمكان تصديقه، ويخرج ذلك على وجه يعذر فيه مثل أن يحمل أمره على الوهم وغلبة الظن في نحو ذلك.
واحتجوا فيه أيضاً بقوله: "اليمين على المدّعَى عليه وهذا لا يخالف حديث التحالف، لأن كل واحد منهما مدّع من وجه ومدّعى عليه من وجه آخر، وليس اقتضاء أحد الحكمين منه بأولى من الآخر، وقد يُجمع بين الخبرين أيضاً بأن يجعل اليمين على المدعى عليه إذ كانت يمين نفي، وهذه يمين فيها إثبات.
قال الشيخ: [يعني الخطابي] وأبو حنيفة لا يرى اليمين في الأثبات، وقد قال به ها هنا مع قيام السلعة، وقد خالف أبو ثور جماعة الفقهاء في هذه المسألة، فقال: القول قول المشتري مع قيام السلعة، ويقال: إن هذا خلاف الإجماع مع مخالفته الحديث، والله أعلم.
وقد اعتذر له بعضهم أن في إسناد هذا الحديث مقالاً، فمن أجل ذلك عدل عنه.
قال الشيخ: هذا حديث قد اصطلح الفقهاء على قبوله وذلك يدل على أن له أصلاً، كما اصطلحوا على قبول قوله: "لا وصية لوارث" وفي إسناده ما فيه.
قال الشيخ: وسواء عند الشافعي كان اختلافهما في الثمن أو في الأجل أو في خيار الشرط أو في الرهن أو في الضمين، فإنهما يتحالفان قولاً بعموم الخبر وظاهره، إذ ليس فيه ذكر حال من الاختلاف دون حال. وعند أصحاب الرأي: لا يتحالفان إلا عند الاختلاف في الثمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>