وإنما نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن كتابة غير القرآن في أول الإسلام لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما عُلِمَ القرآنُ وتميَّزَ، وأُفرِد بالضبط والحفظ، وأُمِنت عليه مفسدة الاختلاط، أُذِن في الكتابة. وقد قال بعضهم: إنما كان النهي عن كتابة مخصوصة، وهي أن يجمع بين كتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة خشية الالتباس، وكان بعض السلف يكره الكتابة مطلقاً. وكان بعضهم يرخص فيها حتى يحفظ، فإذا حفظ محاها. وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها، ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السنة إلا أقلَّ القليل. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١/ ٢٠٤: وقد استقر الأمر، والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم. (١) إسناده صحيح. أبو المتوكل الناجي: هو علي بن داود، والحذاء: هو خالد ابن مهران، وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الكناني الحنَّاط. وأخرجه الخطيب في "تقييد العلم" ص٩٣، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (٥٩٠) من طريقين عن خالد الحذاء، به. وانظر معنى هذا الحديث عند الحديث السالف قبله. تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من "تحفة الأشراف" (٤٢٥٨)، وأشار الحافظ المزي هناك إلى أنه في رواية أبي الحسن ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم.