وهو في "مصنف عبد الرزاق" (٢٠٨١٧). وأخرجه البخاري (١٣٥٤)، ومسلم (٢٩٣٠)، والترمذي (٢٣٩٧) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (٦٣٦٠)، و"صحيح ابن حبان" (٦٧٨٥). قال الخطابي: الأُطُم: بناء من الحجارة مرفوع كالقصر، وآطام المدينة: حصونها، والدُّخُّ: الدخان، وقال الشاعر: عند رواق البيت يغش الدُّخَّا وقد اختلف الناس في ابن صياد اختلافاً شديداً، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول. وقد يُسال عن هذا، فيقال: كيف يقارّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً يدعي النبوة كاذباً، ويتركه بالمدينة، يُساكنه في داره ويجاوره فيها، وما معنى ذلك، وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من أنه الدُّخان، وقوله بعد ذلك: "اخسأ فلن تعدو قدرك؟ ". والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - اليهود وحلفاءهم وذلك أنه بعد مَقدَمِه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاباً صالحهم فيه: على أن لا يهاجَوا، وأن يُتركُوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلاً في جملتهم، وكان يبلُغُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خبرُه، وما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه -صلَّى الله عليه وسلم- بذلك لِيَرُوزَ به أمرَه، ويَخبُرَ شأنَه، فلما كلَّمه علم أنه مُبطِل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رئيٌّ من الجن، أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعضَ ما يتكلم به، فلما سمع منه قوله: الدُّخّ، زَبَره، فقال: "اخسأ فلن تعدو قدرك". يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدرُ الأنبياء الذين أوحى الله إليهم من علم الغيب، =